الأحد  28 أيلول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الأرق المزمن يسرع خطر الخرف ويؤثر على الدماغ

2025-09-26 04:24:33 AM
الأرق المزمن يسرع خطر الخرف ويؤثر على الدماغ
تعبيرية

الحدث الصحي 

ذكر موقع The Conversation أن الأرق المزمن لا يقتصر على استنزاف طاقة الجسم في اليوم التالي، بل يرتبط أيضا بمخاطر صحية جسيمة، أبرزها التدهور المعرفي وزيادة احتمال الإصابة بالخرف، وفق ما أوضحه الدكتور تيموثي هيرن، المحاضر في المعلوماتية الحيوية بجامعة أنغليا روسكين.

واستند التقرير إلى دراسة أمريكية طويلة الأمد أُجريت في "مايو كلينك"، شملت 2750 شخصاً تبلغ أعمارهم 50 عاماً فأكثر، وتابعتهم لمدة خمس سنوات ونصف في المتوسط. خضع المشاركون لاختبارات سنوية دقيقة لتقييم الذاكرة، كما أُجريت فحوصات دماغية لعدد كبير منهم لرصد علامتين رئيسيتين على ضعف إدراكي محتمل مستقبلا: تراكم لويحات الأميلويد، وتلف المادة البيضاء في الدماغ والمعروف بفرط كثافة المادة البيضاء.

وتم تصنيف المشاركين على أنهم مصابون بأرق مزمن إذا ظهر في سجلاتهم الطبية تشخيصان بالأرق بفارق زمني لا يقل عن شهر، وهو ما انطبق على 16% من العينة.

وأظهرت النتائج أن المصابين بالأرق المزمن تعرضوا لتدهور أسرع في الذاكرة والتفكير، مقارنة بمن يتمتعون بنوم جيد، وارتفعت لديهم احتمالات الإصابة بضعف إدراكي خفيف أو خرف بنسبة 40% خلال فترة الدراسة.

وكان الأرق المصحوب بقلة نوم هو الأكثر تأثيرا، إذ بدت علامات التدهور المعرفي لدى المصابين به كما لو كانوا أكبر عمراً بأربع سنوات، وسجلوا مستويات أعلى من تراكم الأميلويد وتلف المادة البيضاء. بالمقابل، أظهر الأشخاص الذين تحسنت نوعية نومهم تلفاً أقل من المتوسط في المادة البيضاء.

ويؤكد الباحثون أن مرض الزهايمر لا يُعزى فقط إلى تراكم الأميلويد، بل تساهم أيضاً اضطرابات الأوعية الدموية الدقيقة، مثل التسرب أو الانسداد، في تسريع التدهور المعرفي، وغالبا ما تتفاعل هذه العوامل المرضية لتعظيم الأثر السلبي على الدماغ.

وتُضعف كثافة المادة البيضاء الاتصالات العصبية في الدماغ، بينما يُعطل تراكم الأميلويد وظائف الخلايا العصبية. وتشير الدراسة إلى أن الأرق المزمن قد يؤدي إلى "ضربة مزدوجة" للدماغ، من خلال الجمع بين هذين العاملين.

كما بيّنت الدراسة الأثر البالغ لمتغير ApoE4، وهو أبرز عامل خطر وراثي للإصابة بمرض الزهايمر، حيث تدهورت الحالة الإدراكية لحاملي هذا الجين بسرعة أكبر، وكان تأثير الأرق عليهم مشابها لتأثير العامل الوراثي نفسه.

ويرجّح الباحثون أن ApoE4 يزيد من ضرر قلة النوم عن طريق إبطاء عملية التخلص الليلي من الأميلويد، وزيادة قابلية الأوعية الدموية للالتهاب.

وتعزز هذه النتائج المتسقة مع دراسات سابقة في بريطانيا، والصين، والولايات المتحدة، الفرضية القائلة إن نوعية النوم في منتصف العمر تلعب دورا محوريا في الحفاظ على القدرات المعرفية لاحقا.

ورغم أن فكرة "عالج الأرق لتتجنب الخرف" تبدو منطقية، فإن الأمر أكثر تعقيدا. فالأرق غالبا ما يكون مصحوبا بالاكتئاب، والقلق، والألم المزمن، وانقطاع النفس أثناء النوم، وكلها عوامل تسهم بدورها في تدهور الدماغ.

ولم تُظهر الدراسة فائدة واضحة للحبوب المنومة التقليدية، فيما أظهرت أدوية أحدث مثل "حاصرات الأوركسين" مؤشرات واعدة في تقليل بعض البروتينات المرتبطة بالخرف، إلا أن تلك التجارب ما زالت قصيرة الأمد.

ويبقى العلاج السلوكي المعرفي للأرق الخيار العلاجي الأفضل حتى الآن، حيث يُحسّن النوم لدى نحو 70% من المرضى. وعلى الرغم من عدم وجود دليل قاطع حتى اللحظة على أن تحسين النوم يمنع الخرف، فإن إحدى التجارب أظهرت تحسنا في الوظائف التنفيذية لدى أشخاص يعانون من ضعف إدراكي خفيف عقب تلقي هذا العلاج.

وأظهرت دراسات أخرى أن النوم لأقل من ست ساعات في منتصف العمر مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف بعد 20 عاما، مما يشير إلى أن الوقاية يجب أن تبدأ مبكرا، وليس بعد التقاعد.

وفي الختام، يؤكد الباحثون أن ليالي الأرق ليست مجرد إزعاج عابر، بل عامل خطر حقيقي قد يعجّل بتدهور الدماغ، خصوصا لدى من يحملون عوامل وراثية كـApoE4، في حين يبرز النوم الجيد كواحد من أبرز العوامل القابلة للتعديل للحفاظ على صحة الدماغ، وإن كانت فعالية علاجات الأرق في الوقاية من الخرف لا تزال قيد الدراسة.