الأحد  19 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

نيويورك تايمز: التشابه بين بوتين وأردوغان يشعل الصراع

2015-11-30 01:35:18 PM
نيويورك تايمز: التشابه بين بوتين وأردوغان يشعل الصراع
صورة أرشيفية لبوتين وأردوغان قبل عام

الحدث- مصدر الخبر

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الشقاق بين تركيا وروسيا تؤججه أوجه التشابه بين قائدي البلدين.

وإلى نص التقرير

اسمه "رجب طيب أردوغان"، الذي وصفه  دميتري كيسليف المنظر الرئيسي للكرملين خلال برنامج مساء الأحد الماضي بـ" الرجل  المخادع المنفلت الذي أدمن الحصول على نفط رخيص الثمن من الخلافة المتوحشة، في إشارة إلى داعش".
 

ولكن منذ زمن ليس بالطويل، حظى أردوغان بأدفأ حضن ممكن من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واصفا الرئيس التركي بـ "الرجل القوي، الراغب في مواجهة الغرب"
 

ومنذ أن أسقطت تركيا طائرة حربية روسية الأسبوع الماضي بعد اتهام أنقرة لها بانتهاكها مجالها الجوي، وصف بوتين أردوغان بالرجل الذي طعنه من الخلف.
 

وبالمقابل، بالرغم من النبرة الناعمة لأردوغان، لكنه رفض الاعتذار عن إسقاط الطائرة.
 

صحيفة تركية موالية للحكومة عنونت مانشيتا لها بقولها: “بوتين يحاول خداع العالم بأكاذيبه"، وأشارت إلى  ممارسات روسيا في سوريا.
 

العداء بين روسيا وتركيا تزايد على مدى سنوات جراء دعم كل منهما لأطراف مختلفة في الحرب السورية الأهلية.
 

روسيا تدعم حكومة بشار الأسد العلوية الشيعية، بينما تدعم تركية الأغلبية السنية وتضغط من أجل رحيل الأسد.
 

ولكن في أعقاب إسقاط الطائرة، تتسبب السمات الشخصية للزعيمين، بينها عدم الرغبة في حلول توافقية، في تأجيج التوترات بشكل متزايد.
 

مثل هذا الامتعاض يهدد الآن على الأقل بمد أجل الصراع الدموي المستعصي في سوريا، ويثير مخاوف من إمكانية جر الناتو في المعركة إذا تصاعدت المواجهة بين روسيا وتركيا.
 

من جانبه، قال إيفان كراستيف، المحلل السياسي ورئيس "مركز الإستراتيجيات الليبرالية" في بلغاريا: “المشكلة أنك لديك رئيسان كلاهما يولي اهتماما كبيرا لوضعه بين شعبه، وكلاهما يمارس ألعابا شديدة المخاطر".
 

وأضاف: “ الحرص على ألا يظهر أي منهما في مظهر الضعيف أمر شديد الأهمية لبوتين وأردوغان. لا يعرف كلاهما كيف ينسحب أو يعتذر. إنهما كالتوأمين في مثل هذه الصفات".
 

كلا الرجلين يوصفان غالبا بالمقاتلين، المتصلبين، والقوميين، والسلطويين.
 

بوتين غير من وظيفته ليستمر في إدارة روسيا، حيث تنقل بين منصبي رئيس الوزراء والرئيس.
 

وكذلك فعل أردوغان المثل، ويرغب في تعديل الدستور التركي لمنحه صلاحيات أكبر كرئيس.
 

كلاهما يحاول استعادة بريق إمبراطورية ضائعة، إحداهما روسيا القيصرية، والأخرى هي الإمبراطورية العثمانية.
 

أحد الزعيمين يوصف بسخرية بأنه "القيصر" ، والآخر يُنعت بـ" السطان".
 

كلاهما يحتضن شعورا بالضيم التاريخي، والذي لا يقبله الغرب تماما.
 

القائدان يصرحان بأنهما يحترمان سيادة القانون لكنهما يتعرضان لانتقادات واسعة النطاق لتجاهله عندما يقف أمر ما في طريقهما.
 

لقد أطلق بوتين وأردوغان عنان المحاكم وسلطات الضرائب لإسكات المعارضة والإعلام المناهض.
 

بوتين مشهور بقمعه للمعارضة، وكذلك يبني أردوغان سمعته الشخصية على المعاملة القاسية، لذا يتم التحقيق مع عشرات الأشخاص في اتهامات تتعلق بسب الرئيس، كما تعرض العديد من الصحفيون الأجانب للترحيل.
 

كلا منهما يعمد إلى إلقاء اللوم على نظريات المؤامرة الخارجية والدولية لتضحى شماعات للفشل.
 

وكما كتب قائد المعارضة الروسية أليكسي نافالني في مدونته الأسبوع الماضي: “كلاهما يتفوه بسياسة خارجية لا معنى لها لصرف انتباه المواطنين عن مشكلات داخلية. كلاهما يمتلك طموحات إمبريالية، وخطاب إمبريالي من أجل ترسيخ نفوذهما وإثرائهما الشخصي، كما  يكره كل منهما شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الإخباري، وينعت الغرب بالعدو، وينادي بالقيم التقليدية، رغم أنهما لا أخلاقيان".
 

وعلق كريستيف مجددا قائلا: “إنهما لا يثقان في بعضهما البعض، وكلاهما يتسم بقدر مبالغ فيه من الطموح".
 

وطالب بوتين القيادة التركية  باعتذار علني وتعويض جراء إسقاط الطائرة الروسية.
 

وينعكس مدى غضب بوتين جليا في تلك الاتهامات المتكررة على التلفزيون الروسي الحكومي بأن نجل أردوغان ضالع بعمق في تعاملات بالسوق السوداء تتعلق بنفط يستخرجه تنظيم داعش، تلك الجماعة الإرهابية التي هيمنت على أجزاء من العراق وسوريا، والتي أعلن فرعها المصري مؤخرا المسؤولية عن إسقاط طائرة ركاب روسية في سيناء.
 

أردوغان نفى بشدة تلك الادعاءات قائلا: “إنها أكاذيب، وافتراء، لم نرتبط أبدا بعلاقات تجارية مع أي جماعة إرهابية".
 

وتابع خلال مقابلة مع فرانس 24: “يتعين عليهم إثبات ذلك، وإذا استطاعوا هذا، سأستقيل من منصبي".
 

وبدا أردوغان وكأنه يحاول العودة إلى الوراء في أعقاب مطلبه الأول لروسيا بالاعتذار عن انتهاكات مجال تركيا الجوي.
 

وقال الرئيس التركي لاحقا: “حقا، قد أحزننا هذا الحادث كثيرا".
 

من جهته، قال أسلي أيدنتنباس الباحث التركي بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “بطريقة أدوغان، فإنه يحاول الاعتذار، لكنني لا أعتقد أن بوتين يتقبل ذلك".
 

مُنظّر الكرملين دميتري كيسليف عبر عن ذلك ببدقة مساء الأحد الماضي قائلا: “ تم غلق الخط الساخن".
 

لم يكن الأمر دائما هكذا، فمنذ عام بدا الزعيمان وكأنهما ولدا ليكونا حليفين، أثناء اتفاقهما على استثمار روسيا في خطوط غاز طبيعي، من شأنها أن تضح الغاز من تركيا إلى أوروبا كبديل عن تلك التي تمر عبر البلقان، لكن الاتحاد الأوروبي عارض الفكرة.
 

وعلاوة على ذلك، تعهد الزعيمان بزيادة حجم التجارة السنوية المتبادلة إلى أكثر من 3 أضعاف بحلول عام 2020 بحيث تلامس مستوى 100 مليار دولار.

 

حقيقة أن أردوغان تفاخر صراحة بمشروع الغاز في وقت كان الغرب يطالب بعقوبات أكبر ضد روسيا إزاء الأزمة الأوكرانية دفع بوتين إلى وصفه بـ "الرجل القوي".
 

وبعد إسقاط تركيا لطائرة سوخوي، بدأت الشاحنات التركية في الاحتشاد على الحدود الروسية، حيث اكتشفت الهيئة المسؤولة عن الغذاء فجأة مشكلات مع المنتجات التي كانت تمدحها منذ عام وتصفها بالاستثنائية.
 

ولم يتضح بعد إذا ما كان مشروع الغذاء وغيره من المشروعات الكبرى ستطالها قائمة العقوبات الروسية.
 

ليس واضحا أيضا إذا ما كان القائدان سيحاولان العمل على تجاوز خلافاتهما هذا الأسبوع في قمة باريس للتغير المناخي.
 

أردوغان قال إنه دعا الكرملين لترتيب لقاء يجمعه مع بوتين على هامش القمة لنزع فتيل الأزمة.
 

رد فعل بوتين العلني حتى الآن هو مرسوم وقعه مساء السبت بشأن لائحة من العقوبات الاقتصادية الغامضة ضد تركيا.
 

ختاما، يرى بعض المحللين إن مواجهة مستمرة مع تركيا، ساخنة أو فاترة، قد تصب لصالح بوتين، وتعجل من تحقيق هدفه في رفع العقوبات الغربية المفروضة عليه بعد ضمه شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.
 

استبدال انتقادات موسكو اللاذعة المناهضة للغرب بهدف جديد قد يحسن من علاقات روسيا الفاترة مع الغرب.
 

من جانبه، قال الخبير نيكولاي بيتروف: “إذا كنت قائدا عسكريا، ولم تجد سبيلا للعودة إلى الشرعية الانتخابية تحتاج إذن أعداء، وتركيا هي المرشح الأفضل بالنسبة لروسيا في هذه الحالة".