السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"إسرائيل" و أكبر دولة إسلامية في العالم ..صداقة مُستقبليَّة؟

مستقبل المحادثات السرية بين أندونيسيا وإسرائيل

2016-04-06 12:21:20 PM
وزيرة خارجية إندونيسيا

 

 

 

الحدث - فراس أبو عيشة

 

كشفت نائب وزير الخارجية الإسرائيليَّة  تسيبي حوتوفلي، قبل نحو أسبوعين، عن تفاصيل اتصالات سريَّة تُجريها "إسرائيل" مع إندونيسيا، التي تُعتبر أكبر دولةٍ إسلاميَّة في العالم، واتُفق خلالها على زيارة وزيرة الخارجيَّة الإندونيسيَّة، ريتنو مارسودي، للضفة الغربيَّة، على أن تلتقي بِمسؤولين كبار في حكومة الاحتلال الإسرائيليَّة في مدينة القدس، والرئيس الفلسطينيّ محمود عباس، ووزير الخارجيَّة رياض المالكيّ في رام الله، إضافةً لافتتاح قنصليَّة فخريَّة لإندونيسيا في فلسطين.

 

وجاءت أقوال حوتوفلي عقب نقض مارسودي لاتفاقٍ مع "إسرائيل"، يقضي بزيارتها لمدينة القدس أولاً، ولقاءها مسؤولين إسرائيليين، كونه لا وجود لأيَّة علاقات دبلوماسيَّة بين فلسطين وإندونيسيا، ثم تتجه إلى مقر السلطة الفلسطينيَّة، لِلقاء الرئيس الفلسطينيّ، لكنها أبطلت الاتفاق، وسيَّرته بشكلٍ عكسيّ، مما اضطرت إسرائيل لإصدار قرارٍ وأمرٍ إسرائيليّ يقضي بمنعها من الزيارة المُقررة، حسب مصادر إسرائيليَّة. 

 

 

خطيئةٌ في مرمى إسرائيل

 

دعا رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، خلال لقاءه وفدٌ صحفيّ إندونيسيّ في القدس، لِضرورة إقامة علاقات رسميَّة ودبلوماسيَّة بين البلدين، على غرار تلك العلاقات القائمة مع دولٍ آسيويَّة، كالصين واليابان، وغيرهم، لكن إندونيسيا قد رفضت قبول تلك الدعوة، دون أن تُوضح الأسباب. 

 

ووفقاً لترجمة الخبير في الشؤون الإسرائيليَّة، غسان محمد، نقلاً عن تصريحٍ لمحلل الشؤون السياسيَّة في القناة الثانيَّة الإسرائيليَّة، إيهود يعري، أنَّه كان يستوجب على إسرائيل أن تتعامل مع إندونيسيا ووزيرها بِكثيرٍ من الحذر، كونها أكدت مُسبقاً أنَّها لن تُقاطع إسرائيل أو بضائعها، في حين أبدت مارسودي استعدادها وتأييدها لفكرة الدولتين، والاعتراف بإسرائيل.

 

ويُردف يعري "لا نُنكر بِعدم وجود علاقات دبلوماسيَّة بين البلدين، لكن التبادل التجاري كافٍ، حيث يُقدر بِحوالي رُبع مليون دولار، وكان هُناك إمكانيَّة لتعزيز وتوطيد العلاقات مع إندونيسيا تدريجيَّاً، وللأسف اقترفت إسرائيل خطيئةً إضافيَّةً، فبدلاً من أن تستقبل الوزيرة مارسودي بِأذرُعٍ مفتوحة، وفرش السجاد الأحمر لها، اختارت طريق وسبيل إغلاق الأبواب أمامها، وأضاعت فرصةً ذهبيَّةً للتقارب مع إحدى الدول الأسيويَّة العظمى المُهمة".

 

التقارب سلبيٌّ على الفلسطينيين

 

بناءً على استطلاعٍ أجراه موقع "بي بي سي" العربيَّة، العام المُنصرم 2015، أظهر أن 70% من الإندونيسيين، ينظرون إلى نفوذ إسرائيل بِنظرةٍ سلبيَّة، بينما 12%، نظروا إليّها مِن وجهة نظرٍ إيجابيَّةٍ، لتكون هذه واحدة من أكثر التصورات والمواقف سلبيَّةً تجاه إسرائيل في آسيا كما يرى محللون إسرائيليون وإندونيسيون، علماً أن قُرابة 125 ألف سائحاً إندونيسيَّاً زاروا إسرائيل خلال الست سنوات الأخيرة.

 

يُشير الكاتب والمحلل السياسيّ الفلسطينيّ، سامر عنبتاوي، أنَّ محاولات دولة الاحتلال نسج العلاقات المباشرة معها عبر السياسة الهادئة والسريَّة، يندرج ضمن محاولات تحطيم الموقف الإسلاميّ والعربيّ المُقاطع للاحتلال، حتى ولو كان شكليَّاً فقط، علماً أنَّه يأتي بعد تراجع الأولويات والاهتمامات العربيَّة بالقضية الفلسطينيَّة، نحو الانكفاء والاكتفاء بالقضايا الداخليَّة، والنزاعات الإقليميَّة، مما حوَّل العلاقات مع الاحتلال من القطيعة إلى المصالح المشتركة مع بعض الدول العربية، وهذا الأمر استطاع أن يُلقي بظلاله، ويُعطي مُبرراً لبعض الدول المساندة تاريخيَّاً للقضية الفلسطينيَّة. 

 

مُضيفاً "بذلك نستطيع فهم ما يدور بين الاحتلال وإندونيسيا، فلا شك إنْ أصبحَ هذا التقارب واقعيَّاً، سينعكس سلبيَّاً على الفلسطينيين، ويُشجع بعض الدول للانضمام إلى نفس النهج، في الوقت الذي تتنامى فيه حركة المقاطعة للاحتلال على مستوى العالم، نجده يُحاول عمل اختراقات على عدة جبهات، كالعربيَّة والإسلاميَّة خاصة". 

 

وفي عام 2008، كانت قد توسعت دائرة العلاقات التعاونيَّة بين البلدين، حيث جاءت اتفاقية "نجمة داوود الحمراء"، التي وقعت عليها الحكومة الإندونيسيَّة مع منظمة يهوديَّة أمريكيَّة، لتوفير دورات تأهيل طبيّ للمسعفين في إندونيسيا. 

 

ويُوضح عنبتاوي، أنَّ دولة الاحتلال تستطيع من خلال هذا التقارب، تحقيق الاستفادة الاقتصاديَّة، وتنمية العلاقات مع شرق آسيا، سِيما أنَّ إندونيسيا تُعتبر دولة مُصنعة في بعض المجالات، وتمتلك الأيادي العاملة، وفي الوقت نفسه هي بِحاجة إلى التكنولوجيا الإسرائيليَّة، وبعض المنتوجات منها، ولذلك فإنَّ السياسة الخارجيَّة الإسرائيليَّة تُنشط وبِسريَّةٍ تامةٍ وكبيرةٍ، لِتحقيق هذا الاختراق، في اللحظة التي تنكفئ السياسة الخارجيَّة العربيَّة، وتترك الملعب خالياً للاحتلال. 

 

ويزور رجال أعمالٍ إسرائيليين إندونيسيا بشكلٍ دائمٍ مُستمر، حيث كان أبرزها، زيارة وزير الاقتصاد الإسرائيليّ السابق، نفتالي بينت، إندونيسيا عام 2013، للمشاركة في إطار مؤتمر دوليّ للمنظّمات التجاريّة العالميّة في بالي، إضافةً إلى زيارات بعثات إندونيسيَّة إلى إسرائيل، بينها زيارةٌ سريَّة أُجريت في نفس العام، وأخرى في عام 2014، وشاركتفي مؤتمر الأمن القوميّ في مدينة تل أبيب. 

 

 

لا مستقبل للعلاقة بينهما

 

من الجدير ذكره، أنَّ عمر تلك العلاقات الإندونيسيَّة الإسرائيليَّة حوالي نصف قرن، اتسمت في بداياتها بالمحدوديَّة، لتُصبح بعد عام 1993 علاقات ذات طابع زيارات تبادليَّة، بدأها رئيس الحكومة الإسرائيليَّة الأسبق، إسحاق رابين، وتُوجت بمشاركة الرئيس الإندونيسيّ آنذاك، عبد الرحمن وحيد، للمشاركة في مراسيم توقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل والأردن، وفي عام 1997 علاقات تحمل طابعاً تجاريَّاً. 

 

وفي حديثٍ خاص للمتخصص الفلسطينيّ في العلاقات الدوليَّة أشرف العُكة، يقول "لا مُستقبل لهذه العلاقة، ولن يُكتب لها عُمراً، خصوصاً أن إندونيسيا إحدى الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلاميّ، ولها ثقلها، وبالتالي سَتَخضع وتُسار إلى محاولةٍ جديَّة من مُحيطها وعلاقاتها العربيَّة، لِعدم الانصياع لهذه العلاقة، كونها تأتي في ظل تزايد وتصاعد الانتهاكات والهجمة الإسرائيليَّة بِحق المقدسات الإسلاميَّة، والشعب الفلسطينيّ". 

 

ويعتقد في حال قُبول إندونيسيا لتلك العلاقة، أنَّه سيكون هُنالك ردة فعل  جماهيريَّة إندونيسيَّة، ومن قوى مختلفة داخل إندونيسيا، كون العلاقة ما بين الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وإندونيسيا هي علاقات صداقة متطورة، والإندونيسيون غالبيتهم من المسلمين، ورؤياهم نحو القدس والمقدسات، فَالإعلان عن هكذا علاقات في هذه المرحلة بالذات، يُدلل بشكلٍ واضح أن إسرائيل تُريد أن تجد تغييرات وتبريرات لانتهاكاتها وجرائمها تجاه الشعب الفلسطينيّ. 

 

ومنذ سنوات، تعمل الخارجيَّة الإسرائيليَّة على برنامج لتفعيل موقعٍ إلكترونيّ لها في إندونيسيا، هدفه التأثير في الشارع الإندونيسيّ، إضافةً إلى محاولتها استقطاب بعثاتٍ من الصحفيين وقادة الرأي العام في إندونيسيا لإسرائيل سنويَّاً، ودعوة رجال أعمال إندونيسيين لاحتفالات عيد الاستقلال التي تُقيمها السفارة الإسرائيليَّة في سنغافورة.

 

ويؤكد العُكة على أن التسريبات الإعلاميَّة لا يعني أن العلاقة بين البلدين ستخرُج إلى النور، لكن على إندونيسيا إعادة نظرها في علاقتها مع إسرائيل، داعيَّاً القيادة الفلسطينيَّة والدول العربيَّة والإسلاميَّة، أن تُكثف جهودها لتتأكد من طبيعة المحادثات بينهما، وتُحاول إقناعها من خلال العلاقات الدبلوماسيَّة بينهم، بأن علاقتها مع إسرائيل سَتضرُ القضية الفلسطينيَّة، وتُضعف قدرة الشعب الفلسطيني على إحقاق ونيل حقوقه العادلة، الكامنة في العودة، والدولة، وتقرير المصير، وتُعطي مجال لغيرها من الدول أن تُقيم علاقات مع إسرائيل.