الأحد  05 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التهديدات الاقتصادية الإسرائيلية...تصريحات فلسطينية دون خطة مواجهة أو بدائل مدروسة

2014-04-29 00:00:00
التهديدات الاقتصادية الإسرائيلية...تصريحات فلسطينية دون خطة مواجهة أو بدائل مدروسة
صورة ارشيفية

د. ناجي: أتوقع من المجتمع الدولي أن يتدخل لمنع هذه العقوبات

د. الوزير: الحكومة ستضطر لطرق أبواب المصارف من جديد

د. عبد الكريم: العجز الشهري قد يصل إلى 170 مليون دولار 

المصري: قد تلجأ السلطة إلى بعض المؤسسات بكفالة المعونات المالية

سنقرط: علينا أن نقبل بالمبادرة الاقتصادية المطروح للخروج من الأزمة

المسروجي: الوعودات العربية “شيك” من دون رصيد

 

رام الله ـ خاص بالحدث

تسارع الأحداث السياسية على الجبهتين التفاوضية مع الإسرائيليين والتصالحية مع الذات الداخلية الفلسطينية، وضع مشروع الحكم في السلطة الوطنية في مهب قد يكون خطيرا دفع بالرئيس محمود عباس دعوة إسرائيل بتحمل عبء الحكم إذا انهارت المفاوضات، في الوقت الذي هدد فيه حكام تل أبيب بفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية والمالية على السلطة ومن ضمنها حجز أموال الضرائب الفلسطينية ومصادرة فواتير المقاصة، الأمر الذي يرفضه الفلسطينون، وإذا ما نفذت إسرائيل تهديداتها فانهم يعولون على الدعم العربي الموعود في شبكة أمانهم المالية والتي بقيت أماني ويراهنون على الدعم الأوروبي، لكنهم في كل الأحوال يؤكدون أن التهديدات الإسرائيلية وضغوطاتها المالية والاقتصادية لن تنال من قوة وعزم الشعب الفلسطيني.

لكن التنظير والتحليل السياسي شيء، والتحديات المالية والاقتصادية التي قد تواجهها السلطة الفلسطينية شيء آخر، خصوصا اذا ما اخذنا بالاعتبار نفقاتها التشغيلية بما فيها رواتب موظفيها لتضمن البقاء والاستمرارية ومنعا لانهيار مؤسساتها. 

وفي كل الأحوال هل يكفي رفض محاولة إسرائيل ربط القرار السياسي بقضايا الموظفين ورواتبهم، أم انه يجب ان يكون لدينا (قيادة وشعبا) الارادة السيادية السياسية للتحرر من الضغوطات الاقتصادية، والتمسك بالمشروع الوطني، وهل تبع الموقف الرافض للعقوبات الإسرائيلية خطط مواجهة مالية؟ وما هي طبيعة هذه الخطط؟ وهل تمتلك ما يكفي من الصمود امام تداعيات العقوبات المالية والاقتصادية المحتملة، أم اننا ما زلنا نراهن على مواقف امريكية منحازة لصالح الطرف الآخر؟ مثلما ما زلنا نراهن على تفعيل شبكة الأمان المالي العربية الوهمية؟

في ظل كل هذه المخاطر والتداعيات يجمع الفلسطينيون على ان ما تقوم به إسرائيل هو فعلا قرصنة وسرقة قد تؤدي إلى انهيار القطاعات الصحية والتعليمية والبنى التحتية والاقتصادية والتنموية وغيرها. ومن المؤسف انهم في معظم الأحداث لم يكونوا صناعا للاحداث وانما تابعين لها بردات فعل في غالبيتها غير مدروسة او متزنة إلى درجة التنازل عنها في اول منعطف يحاولون اجتيازه بدون انزلاقات.

لا يجوز للمجتمع الدولي ان يقف متفرحا 

ليس غريبا أن نجد وزير الاقتصاد الوطني د.جواد ناجي، يقول لنا: «إن تهديدات الحكومة الإسرائيلية بخصوص فرض عقوبات اقتصادية على الشعب الفلسطيني ليست في مكانها، وهي مخالفة لكل الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، خاصة تلك القضايا التي وردت في اتفاق باريس الاقتصادي، فهم  يلوحون بشكل من أشكال القرصنة على المستحقات الضريبية وعدم تحويلها إلى الحكومة الفلسطينية، هذا حق للشعب الفلسطيني، ولا يجوز هنا بأي شكل من الأشكال لا وفقا للاتفاقيات الموقعة ولا وفقا للقوانين الدولية أن تلجأ إسرائيل إلى هذا الاجراء».

ويؤكد ناجي، انه اذا ما نفذت إسرائيل تهديدها بوقف تحويل المستحقات الضريبية، سيكون له انعكاسات سلبية على مجمل الاوضاع الاقتصادية والمالية للحكومة الفلسطينية، خاصة اذا ما علمنا أن مجموع هذه الضرائب تصل إلى حدود 580 مليون شيقل شهريا وهي تشكل تقريبا %65 من فاتورة الرواتب التي تدفعها الحكومة لموظفي الدولة. وبالتالي هذا اجراء من شأنه ان يحد من قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفي الدولة.

وهنا ما زال الموقف الفلسطيني في اطار وصفي للتهديدات الإسرائيلية حينما يقول د. ناجي: «طبعا إسرائيل تلوح بعقوبات اخرى، كأن تزيد من اجراءاتها التعسفية المتعلقة بالقيود المفروضة على حركة الاشخاص والبضائع، وكذلك الأمر فيما يتعلق بتشديد الاجراءات التي تطبقها إسرائيل في الموانىء والمعابر بخصوص الصادرات والواردات الفلسطينية، بمعنى ارهاق المصدرين والمستوردين بالكلف المالية الاضافية جراء هذه الاجراءات، وهو ما يمكن ان يؤثر على القدرة التنافسية لهذه السلع والبضائع» .

ولغاية الان لم نلحظ موقفا واضحا تجاه خطة المواجهة والتصدي الفلسطينية والبدائل المطروحة، ولكن بعمومية قال د. ناجي: «امام هذا الوضع كله، فان الشعب الفلسطيني لديه خيارات كثيرة ليواجه هذه العقوبات، وفي طليعتها انه باق وصامد في ارضه، ولن يتراجع عن حقوقه، وسيبقى متمسكا بها، ولن تشكل هذه الضغوطات وسيلة ناجحة لإسرائيل لابتزازه».

ويراهن د. ناجي شأنه شأن حكومتنا الفلسطينية وسلطتنا الوطنية عندما قال: «أتوقع من المجتمع الدولي ان يتدخل لمنع إسرائيل من تنفيذ هذه التهديدات، خاصة وانها مخالفة للاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وبالتالي لا يجوز للمجتمع الدولي ان يغض النظر عن هذه التصرفات غير القانونية».

ويتوجه د. ناجي لأشقائنا العرب وإلى الحكومات العربية داعيا إياهم «للوفاء بالتزاماتهم فيما يتعلق بشبكة الأمان المالية التي اقرتها القمم العربية المتعاقبة، حتى تتمكن الحكومة الفلسطينية من الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني من جهة، وحتى يتمكن الشعب الفلسطيني من الصمود امام هذه الاجراءات التعسفية».

وبتهديد غير مباشر، لوزير الاقتصاد الوطني بوقف الصادرات والواردات الفلسطينية من وإلى وعبر إسرائيل، حينما قال :»على الإسرائيليين ان يعرفوا وهم يعرفون جيدا ان فلسطين تستورد من إسرائيل او عبرها ما قيمته 4 مليار دولار، وبالتالي يصبح من حق الشعب الفلسطيني عندما يرى الإسرائيليون يمارسون القرصنة بحقهم وبحق مستحقاتهم الضريبية، أن يلجأوا إلى الوسائل الاقتصادية المضادة لهذه العقوبات الاقتصادية».

ونفى الوزير ناجي أن الرئيس قل قال بأنه سيحل السلطة الوطنية، لكنه قال: «أمام هذه الممارسات والضغوط والاجراءات وهذه العقوبات بالتأكيد إسرائيل دولة احتلال والشعب الذي يقع تحت الاحتلال يتوجب على الاحتلال ان يتحمل كذلك مسؤولياته تجاهه، أما الرئيس لم يقل بانه سيحل السلطة الوطنية انما امام هذه الاجراءات بالتأكيد فمن حقنا ان نقول للعالم على المحتل ان يتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الذي يقع تحت الاحتلال».

ويتمنى د. ناجي «على اشقائنا العرب وهم يسمعون ويشاهدون هذه التهديدات الإسرائيلية ان يفوا بما تعهدوا به واقروه في القمم العربية من شبكة امان مالي، حتى تتمكن الحكومة الفلسطينية من مواجهة هذه الاجراءات، ومن الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني، ولكن مرة اخرى أؤكد انه لا يجوز للمجتمع الدولي على الاطلاق ان يقف متفرجا امام ما تحاول إسرائيل تطبيقه من عقوبات بحق شعبنا وقيادته». 

قدرة على الصمود ومواجهة الصعاب القادمة

ويرى محافظ سلطة النقد الفلسطينية د. جهاد الوزير، ان مقومات الصمود والتصدي متوفرة بقوله «لدينا قدرة على الصمود ومواجهة الصعاب القادمة، ونحن نقول للرئيس نحن معك في كل خطوات تقوم بها، وان الشعب الفلسطيني وكل مؤسساته ومؤسسات القطاع الخاص والعام وسلطة النقد والجهاز المصرفي معك، وإلى الامام لتحقيق هدفنا الاساسي، وهو اقامة دولتنا وعاصمتها القدس الشريف».

وقال الوزير موجها كلامة للبنوك والمصارف: «ربما ستضطر الحكومة إلى طرق أبوابكم من جديد، وأقول قروض السلطة الوطنية والتي هي تقريبا 1.3 مليار دولار من موجودات الجهاز المصرفي الفلسطيني والتي تقارب 11 مليار دولار، وبالتالي ان هذه النسبة هي نسبة محافظة ومقبولة، وهي أيضا تساوي رأس مال الجهاز المصرفي تقريبا وهي تعتبر من النسب المحافظة».

ويلاحظ ان الشق الاول الذي جاء على لسان د. الوزير هو موقف واضح وصريح لتقديم كل ما يمكن من قبل الجهاز المصرفي للحكومة لمساعدتها في مواجهة التحديات المالية والصعوبات الاقتصادية، وهي دعوة لتقديم المزيد من القروض للحكومة من اجل ضمان نفقاتها التشغيلية للمحافظة على ديمومة مؤسساتها واستمرارية عمل موظفيها. 

إسرائيل لن تنفذ عقوباتها لفترة طويلة

وبطبيعة الحال فان لسان حال الناطق باسم الحكومة د.ايهاب بسيسو، لم يخرج عن هذا الاطار عندما وصف في تصريح صحفي بان «إعلان إسرائيل وقف تحويل أموال المقاصة بأنه ورقة ضغط قديمة جديدة، سرعان ما تلوح به إسرائيل عند أي ارتباك سياسي. 

وقال بسيسو: «إسرائيل رغم إعلانها حجب أموال المقاصة عنا، إلا أنها لن تنفذ هذا الإجراء لفترة طويلة، لأنها تعلم أن الوضع الاقتصادي والمالي للسلطة الفلسطينية في تراجع». وأضاف «تبعات القرار الإسرائيلي ستضر بحكومة نتنياهو أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، والإعلان الإسرائيلي سيرتد عليها سلبا على الصعيد السياسي لأنه بنظر الأوروبيين والأميركيين السبب في انهيار المفاوضات، وفوق ذلك تفرض عقوبات وقرارات أحادية الجانب بحق الفلسطينيين».

السلطة ستجد نفسها امام وضع مالي أصعب

ويتفق الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم مع بسيسو في جزئية ان القرار الإسرائيلي ليس الحجز الكامل لمستحقات السلطة الوطنية، ولا يعتقد ان نتنياهو يستطيع ان يفعل ذلك ويتحمل مسؤولية، لان امريكا واوروبا موقفها واضح من هذا السياق، لانه في النهاية هي لا ترغب في الضغط على السلطة اقتصاديا لدرجة تهدد فعلا وجودها واستقرارها، وبالتالي هي تريد ان تسمح لإسرائيل ممارسة بعض الضغوط، ولكن ليس بدرجة استراتيجية تؤدي إلى تغيير مجرى العلاقات وتلغي ملف مسار التفاوض. 

ويؤكد د. عبد الكريم ان قرر نتنياهو تخفيض حجم التحويلات الضريبية، وتبعه بقرار سيخصم 200 مليون شيقل مستحقات شركة الكهرباء والمستشفيات الإسرائيلية، وبالتالي فان هذا يعني تخصيص لـ %50 من مستحقات السلطة، ولذلك فانه يعتقد ان هذا تكتيك ليظهر وكانه لم يعد مرنا كما كان في موضوع الديون.

واضح عبد الكريم، ان الديون المزعومة على السلطة تقدر بمئات الملايين من الشواقل للمستشفيات ولشركتي الكهرباء والمياه والموردين الإسرائيليين، مشيرا إلى انه في السابق كانت هذه المستحقات دفترية وكانت إسرائيل تبدي مرونة باتجاه تحصيلها، وبالتالي نتنياهو في سبيل الضغط على السلطة يريد خصمها شهريا، وهي تشكل ما نسبته %60-%40  من المستحقات المالية للسلطة وهذا يعني انه من بين 120 مليون دولار التي نحصل عليها من إسرائيل ضمن نظام المقاصة، سينخفض هذا المبلغ إلى حوالي 70 مليون دولار، وان اضفنا إلى هذا المبلغ ما تجبيه السلطة من ضرائب ورسوم محلية بالحد الأقصى 70 مليون دولار سيتوفر للسلطة حوالي 140 مليون دولار.

ويقول: «بمعزل عن المساعدات الدولية التي تأخرت حتى الان بشكل واضح وربما ستتباطىء فان هذا المبلغ لن يغطي فاتورة الرواتب، ولذلك ستجد السلطة نفسها امام وضع مالي أصعب بكثير مما كانت عليه في الاشهر الماضية، والذي لم يكن سهلا على الاطلاق، حيث كان يوجد عجز شهري في الموازنة بـ 100 مليون دولار، لكنه كان يغطى بمساعدات، الآن يوجد عجز طبيعي بـ 100 مليون ينتظر ان يغطى بالمساعدات وعجز مستجد بالسيولة النقدية قد تصل إلى 100 مليون دولار اخرى، في حال حجزت إسرائيل كل المبلغ 120 مليون، لكن اذا حجزت نصفه فقد يصل العجز المستجد ما بين 60 – 70 مليون دولار.

لذلك يتساءل عبد الكريم، من اين ستأتي السلطة به، فهذا ما تم الحديث عنه مع العرب والذين قرروا في أكثر من مؤتمر قمة بأن يوفروا شبكة أمان مالية عربية بقيمة 100 مليون دولار، وهذا المبلغ سيعوض السلطة عن اي اجراء مالي إسرائيلي ضد السلطة.

ويؤكد عبد الكريم أن هذا الأمر بانتظار التجربة الفعلية والاختبار الحقيقي بالتنفيذ، ولكن هذا القرار وبحسب الموقف الامريكي والاوروبي غير معارض منذ سنوات طويله لمسألة حجز الاموال الضريبية المستحقة للسلطة..

نسبة الالتزام العربية بشبكة الامان المالي لن تكون عالية

تشير التجربة السابقة مع القمم العربية ومقرراتها بالشأن الفلسطيني إلى ان قرار شبكة الامان المالي العربية لم يجد طريقه للتنفيذ والتطبيق، وان الدول العربية كلها لن تلتزم به، ونسبة الالتزام لن تكون عالية، اذ ستجد شبكة الامان المالي العربية ان السلوك السياسي هو الذي يحكم السلوك الاقتصادي تجاه الفلسطينيين، ولذلك فانه يظن  باننا لن نشهد التزام عربي %100، ولكن على الاقل يتطلع ان يكون الالتزام %50 كما هو الحال في المساعدات الطبيعية.

وقال عبد الكريم : «اذا التزمت الدول العربية بنسبة %50 سيتم توفير 50 مليون دولار من هذه الشبكة وهذا بلا شك سيحل جزء من المشكلة، خصوصا اذا اكتفت إسرائيل بخصم مستحقاتها من المستحقات الفلسطينية الضريبية، وانها لم تقطعها بالكامل والذي لا يرجحه، لذلك فان 50 مليون دولار، ربما تشكل للسلطة وخزينتها مبلغ هام من نقص السيولة النقدية».

تخوفات من فرض حصار على الجهاز المصرفي الفلسطيني

ويقول عبد الكريم: «اذا قررت القيادة الفلسطينية انها جاهزة ومستعدة لمواجهة سياسية مفتوحة، أو انها غير مستعدة فلن يكون بمقدورها ان تدفع ثمن سياسي مقابل الابتزاز الاقتصادي، وبالتالي فهي تمسكت بالشروط العربية للمفاوضات، عندها ستضع العرب امام مسؤولياتهم، ويظن انهم في الفترة الأخيرة احتضنوا المشروع الفلسطيني سياسيا ودعموا القيادة بمواقفها، فعليهم ان يدعموا ويحتضنوا هذا المشروع اقتصاديا، لأن الكلام والتصريحات والمواقف المعلنة المؤيدة للقرارات الفلسطينية لا تكفي في زمن فيه الاقتصاد يحكم أمورا كثيرا، فالان توجد مواجهة وقد تكون الأخيرة ونهائية».

ويخشى د. عبد  الكريم اذا تطور الصراع وفتح كل الاحتمالات، ان تنجح إسرائيل ومعها أمريكا وبعض حلفائها الغربيين من ان تفرض حصارا على الجهاز المصرفي الفلسطيني، بمعنى انه يتوفر المال كما كان في السابق في الجامعة العربية او في اي مكان، ولكن تصبح البنوك حذرة جدا في التعاطي مع التحويلات المتجهة لحسابات ما في الاراضي الفلسطينية ولبنوك فلسطينية.

زيادة المديونية ستتراكم باضطراد وبسرعة

ويؤكد د. عبد الكريم، ان مديونية السلطة ستتراكم باضطراد وبسرعة، بسبب بسيط انه اذا اصبح العجز الشهري الفعلي في الموازنة 170 مليون دولار، دون تغطية، سيرحل بشكل طبيعي وتلقائي إلى الدفاتر باعتباره التزام جديد على السلطة، وبالتالي مديونية السلطة ستزداد سواء باتجاه الموردين او المقاولين او الموظفين والجهاز المصرفي وتجاه اي مؤسسة أخرى مستعدة لاقراض السلطة، فقرار من الحكومة الفلسطينية ان تعمل ما يسمى باستبدال التوريق دين مصرفي على الدفاتر على السلطة بـ 200 مليون دولار يتم تحويلها إلى سندات، هذا استباقي فهو لا يغير حجم المديونية لكنه يغير هيكلها بدفاتر البنوك عند السلطة، وبالتالي يريح البنوك والحكومة ويعطيها هامش من انها تعطي السلطة المزيد من القروض يعني 200 مليون دولار وربما تلجأ إلى هذا الخيار بانها تقترض بشكل عاجل وطارىء مؤقت من 100 – 200 مليون دولار عندها سلطة النقد ربما تجد نفسها مرتاحة اكثر وعندها مبرر ان توافق على ان تقرض البنوك الحكومة بهذا الاجراء، وممكن نشهد التباين في حجم الاقتراض المصرفي ومن الممكن أن نشهد تبايناً في حجم الالتزامات تجاه الموردين وبالتالي هذا شيء طبيعي بوجود عجز.

السلطة بمقدورها العيش لفترة بدون أن تحول لها إسرائيل مستحقاتها المالية

ولكن رجل الأعمال ماهر المصري، لا يعتقد ان السلطة ستلجأ للقطاع الخاص لتحمليه أعباء اضافية سواء كانت ضريبية او غيرها من اجل تغطية نفقاتها ورواتب موظفيها، معتقدا انها مرحلة شد حبال بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل فيما يخص الضغط الاقتصادي الذي تستخدمه إسرائيل علينا.

ويراهن المصري على ان العالم وبالذات الدول الكبرى منها أمريكا واوروبا والدول العربية، لن يترك السلطة بدون أي مساندة مالية خلال هذه الفترة، وان إسرائيل أيضا لا تستطيع الاستمرار في الضغط على السلطة لفترة طويلة بسبب الضغوط الدولية عليها، مؤكدا ان السلطة بمقدورها ان تعيش لفترة معقولة بدون ان تحول لها إسرائيل الرواتب ولو شهرين او ثلاثة أشهر.

ويستبعد المصري، ان السلطة ستلجأ للقطاع الخاص من اجل تسديد هذه الفجوة التمويلية، ولكن قال: «قد تلجأ إلى بعض المؤسسات المالية مثلما فعلت في السابق بكفالة المعونات المالية التي تتعهد بها الدول العربية، بمعنى انها تقترض من البنوك وتسمح لها سلطة النقد بالاقتراض فوق الحد المسموح به بكفالة دفعات المعونات المالية التي ستأتيها من الخارج ولفترة بسيطة».

ويأمل المصري مثله مثل غيره ان يفي العرب بشبكة الامان المالي العربية وبوعدهم للرئيس  بتفعيل هذه الشبكة، معتقدا ان الاتحاد الاوروبي سيكون له دور أيضا ولو جزئي في رفع هذه المعاناة المالية.

مطالبة القيادة القبول الرسمي الفلسطيني للمبادرة الاقتصادية الامريكية 

ولكن رئيس مجموعة شركات سنقرط العالمية م. مازن سنقرط، يرى بان الحكمة تكمن في ان نكون أكثر جاهزية وجرأة في الاعلان عن القبول الرسمي الفلسطيني للمبادرة الاقتصادية الامريكية المطروحة، مراهنا على توفر ارادة أمريكية سياسية متمثلة في مبادرة كيري الاقتصادية المعلنة لرفع الشأن الاقتصادي الفلسطيني وتبنتها بالكامل الرباعية الدولية، بينما ترفضها إسرائيل، وبالتالي فهذا يشكل احراجا آخرا لإسرائيل امام العالم والادارة الامريكية بان هناك ارادة فلسطينية محقة في انها تسير بطريقة وبخطى ثابتة مع المجتمع الدولي وبحسب مقررات المجتمع الدولي والشرعية الدولية في الملف السياسي وهو الاساس والاهم لانهاء هذا الاحتلال.

ويؤكد ان هذا الامر سيخدم الاجندة الاقتصادية الفلسطينية وسيساعد على تمكين المواطن والقطاع الخاص الفلسطينيين والسلطة الوطنية في أن تكون أكثر قدرة على تحمل الاعباء الاقتصادية والاشتراطات الإسرائيلية واحراج إسرائيل في المحافل الدولية.

وقال سنقرط: «هذا الابتزاز الاقتصادي هو احد مخرجات اتفاق باريس الذي عفى عليه الزمن، وهذه ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة في قضية تجميد المستحقات الضريبية لكن الفارق الوحيد بينها ان إسرائيل تتحدث حاليا بانها لا تريد ان تجمد المستحقات الضريبية، ولكنها تريد ان تدفع للإسرائيليين مستحقاتهم المالية التي على الفلسطينيين كشركة الكهرباء والمستشفيات ومقدمي الخدمات، وبهذه الطريقة تريد القول للعالم بانها لم تجمد المستحقات الضريبية وانما اعطت شركاتها استحقاقاتها المالية، تحت ضغط و تأثير القطاع الخاص الإسرائيلي وهو ما يمكن تسميته ابتزاز».

ويرى سنقرط ان شبكة الامان المالي العربية هي امتحان جديد للعرب، في الوقت الذي يراهن فيه على رفض امريكا لهذا الابتزاز السياسي الاقتصادي وبادوات اقتصادية على الفلسطينيين والضغط عليهم لتطويعهم للمتطلبات الإسرائيلية سياسيا وامنيا وغير ذلك.

ولم يختلف سنقرط مع الآخرين في موقف القطاع الخاص الداعم للحكومة، مشيرا إلى ان القطاع الخاص قدم للحكومة اكثر من 600 مليون دولار، وبالتالي برأيه انها مسؤولية جماعية وعلى الحكومة ان تتحمل جزء مهم من مسؤوليتها.  

 الوعودات العربية شيك بلا رصيد

أما أمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص محمد المسروجي فقال «بالدرجة الاولى هذه الاجراءات الإسرائيلية مجرد ضغوط من اجل مكاسب سياسية، وأما العواقب فانها تعود على رجل الاعمال الفلسطيني اكثر من غيره فهو الذي يتأثر ويستخدم وسيلة ضغط، فالعواقب صعبة كثيرا وان كنت اتوقع انها مناورات سياسية ليس أكثر».

وبالرغم من تأكيده على انه يجب ان يتحمل الجميع المسؤولية، اذا كانت هنالك مواقف سياسية جادة من اجل القضية الوطنية، وبرأيه فان يجب عدم الاعتماد على الوعودات العربية بشبكة الأمان المالي العربية وقال: «فكل الوعودات العربية شيك بلا رصيد».