الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"الهجرة السرية" للسوريين.. رحلة محفوفة بالمخاطر إلى إيطاليا عبر الجزائر

2014-10-08 11:01:53 AM
صورة ارشيفية
 
الحدث - أحمد عزيز
 
اهتدى لاجئون سوريون هاربون من جحيم الحرب في بلادهم، إلى طريق جديد للهجرة السرية، ينتقلون فيه إلى ليبيا عبر صحراء الجزائر، قبل أن يستقلون قوارب إلى الشمال، حيث الشواطئ الإيطالية وأحلام كثيرين في حياة رغدة، إلا أن الرحلة عادة ما تنهي حياة وبالتبعية أحلام، كثير من المهاجرين بسبب وعورة الطريق الصحراوي أو تقلبات أمواج البحر المتوسط.
ويتنقل اللاجئون السوريون من العاصمة الجزائر إلى مدينة الوادي  أو اليزي  في أقصى الجنوب، ثم يتنقلون مسافة تزيد عن 1500 كلم عبر الصحراء للوصول إلى السواحل الليبية، ومنها يركبون البحر متسللين أيضا نحو إيطاليا، في رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر.
ومنذ أسابيع قليلة، قررت السلطات الجزائرية منع الرعايا السوريين من التنقل إلى الجنوب الجزائري، وشددت من إجراءات تحديد الإقامة بالنسبة للاجئين السوريين في المدن الساحلية الكبرى ومراكز الإيواء، بعد أن تكررت حوادث ضبط  لاجئين سوريين يحاولون التسلل عبر الحدود البرية بين الجزائر وليبيا من أجل الوصول إلى إيطاليا.
ووقع آخر حوادث ضبط سوريين أثناء محاولتهم التسلل إلى ليبيا في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، حينما أوقفت فرقة من قوات الجيش الجزائري، تابعة للقطاع العملياتي إليزي (الحدودية مع ليبيا)، عشرة مهاجرين غير شرعيين من جنسية سورية، كانوا متوجهين إلى الحدود الليبية، حسب بيان لوزارة الدفاع الجزائرية.
ويقول عضو المجلس المحلي السابق لمحافظة إليزي، منسق الأنشطة الخيرية بالمنطقة عثمان زحنو، في حديث لوكالة "الأناضول": "تعمل الجمعيات الخيرية هنا على مساعدة اللاجئين العرب، لكننا فوجئنا في الأشهر الأخيرة بظاهرة جديدة وهي محاولة مواطنين من سوريا التسلل إلى ليبيا".
ويتابع: "قال لي عدد من السوريين الذين أوقفهم  الدرك الجزائري (جهاز تابع لوزارة الدفاع) إنهم قرروا الانتقال إلى ليبيا عبر الجزائر لأن الجزائر هي البلد العربي الوحيد الذي لا يفرض تأشيرة دخول على  السوريين".
يضيف السيد عثمان: "يدفع السوريون أكثر من 300 يورو لعناصر تنتمي لعصابات ليبية مسلحة تؤمن نقلهم من الحدود مع الجزائر إلى  مناطق في الساحل الليبي على البحر المتوسط ومن هناك يتنقل هؤلاء بحرا إلى الشواطئ الإيطالية، في رحلة شاقة ومحفوفة بالمخاطر".
فيما يقول مصدر أمني  جزائري، طالبا عدم الكشف عن هويته: "في البداية اعتقدنا أن الأمر له علاقة بالجماعات الإرهابية خاصة مع حالة الفوضى التي تعيشها سوريا وليبيا، لكن التحقيقات كشفت أن أكثر من 95 بالمائة من المتسللين السوريين عبر الحدود البرية بين الجزائر وليبيا هم في واقع الأمر حراقة (مصطلح يطلق على المهاجرين السريين في دول المغرب العربي)".
 ويضيف المصدر في تصريحات لوكالة "الأناضول": "هذا لا يمنع وجود متسللين  يحاولون الالتحاق بالجماعات المسلحة في ليبيا".
وحول عدم اخيتار المهاجرين لمصر أو تونس كنقطة انطلاق لرحلتهم، قال: "في حالة مصر، يكمن السبب في التشدد الذي تتعامل به السلطات المصرية مع اللاجئين  السوريين منذ إسقاط حكم جماعة الإخوان (ينتمي لها الرئيس الأسبق محمد مرسي) أما في حالة تونس، فإن السبب يكمن أن تونس تفرض تأشيرة دخول على السوريين على عكس الجزائر".
سميح عبد المحسن؛ لاجئ  سوري فر من بلده بحثا عن الأمن، وقرر الانتقال إلى الجزائر ومنها إلى ليبيا ثم إلى إيطاليا، لكنه لم يكمل الرحلة، حيث أوقف من قبل قوات الجيش الجزائري في  المنطقة الحدودية  بين الجزائر وطرابلس، وتقرر نقله إلى العاصمة لمحاكمته بتهمة خرق قانون التنقل.
إلا أنه كان أفضل حظا من ابن عمه، عمار، الذي  فقد اثره قبل أكثر من 5 أشهر أثناء محاولته التسلل إلى إيطاليا عبر ليبيا، حسب ما رواه سميح لـ"الأناضول".
 ويقول سميح الذي سمح لـ"الأناضول" بالحديث إليه قبل أن تقله حافلة من منطقة أوهانت الحدودية إلى  العاصمة: "أشعر بالإحباط، لقد تمنيت  الوصول إلى أوروبا إلا أن الظروف كانت ضدي".
 ويضيف: "سأحاول مرة أخرى، لا يهم أن أموت في البحر أوعطشا في الصحراء، فذلك أفضل بكثير أن أموت على يد سوري مثلي".
أما كومري رضا، الموظف في الهيئة الإغاثية التي شكلتها محافظة اليزي الحدودية للتكفل باللاجئين، فيقول: "في منطقة أوهانت  القريبة من الحدود الجزائرية الليبية تنطلق في كل مرة يوقف فيها مهاجرون، حافلة لنقل الركاب  تعج  بمسافرين أغلبهم سوريين،  وتقرر نقلهم إلى العاصمة الجزائرية من حيث جاءوا قبل عدة أسابيع".
ويتابع "إن قوات الجيش الجزائري تنقذ السوريين من الموت في حال عبورهم الحدود الجزائرية نحو ليبيا".
وحسب مصدر أمني جزائري تحدث لـ"الأناضول"، فإن الجيش الجزائري وقوات الدرك الوطني وحرس الحدود أوقفوا  منذ شهر يناير/ كانون الثاني  2014  إلى نهاية أغسطس/ آب من العام نفسه، 466 مهاجرا سريا من مختلف الجنسيات، بينهم 328   مهاجرا سوريا.
وحسب مصادر أمنية أخرى بمحافظة إليزي، فإن أغلب المهاجرين السوريين منعوا من دخول التراب الليبي.
ويقول شهود عيان من المراكز الحدودية مع ليبيا إن حرس الحدود "منعوا عشرات المهاجرين السوريين بعد رصد  محاولاتهم التسلل عبر الحدود".
فيما يقول السيد مكنوت سليمان، الموظف في  لجنة التكفل باللاجئين في محافظة اليزي الحدودية، إن "الحواجز الأمنية عبر الطرق المعبدة في إقليم المحافظة تلقت تعليمات بتشديد إجراءات الرقابة على المركبات المتجهة نحو الجنوب،  للحد من تسلل المهاجرين السوريين".
ويضيف: "في الحواجز الأمنية عند المدخل الشمالي لمدينة الدبداب وهي المعبر الحدودي الرئيس إلى ليبيا،  تلقى عناصر الدرك تعليمات صارمة  لمنع تنقل المهاجرين السوريين  نحو  المدينة".
 وتمتد الحدود بين ليبيا والجزائر على مسافة 1000 كلم كلها منطقة صحراوية، وقد قررت السلطات الجزائرية غلق الحدود مع ليبيا  في شهر يونيو/حزيران الماضي بعد تدهور الأوضاع في هذا البلد. 
ومنذ منتصف مارس/آذار (2011)، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من (44) عاماً من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ما دفع سوريا إلى معارك دموية بين القوات النظامية، وقوات المعارضة، حصدت أرواح أكثر من (191) ألف شخص، ولجوء ونزوح ملايين، حسب إحصائيات الأمم المتحدة.
 
الأناضول