الحدث- علاء صبيحات
الطبيعة فائقة الجمال، لا يمكن حصرها في نوع ما من المخلوقات أو المزروعات أو المباني أو الألوان، فإذا اقترب شخص لا يهتم بتربية طيور الزينة من قفص خاص بتربية تلك الطيور، فسيبهر بلا أدنى شك من ذلك التنوع العجائبي للألوان، وسيلاحظ أي زائر لمثل هذه الحضانات ذلك الفن الإلهي في المزج بين الألوان، فسيجد طيرا يحمل ألوانا كالأزرق والأبيض والأسود، والغريب أنه يتلون بكل درجات هذه الألوان الثلاثة معا، أما إذا انتقلت للأصفر والأخضر والأزرق، فستجد منه عجبا يجتاح خيالك.
يعتبر كثير من الناس أن هذا النوع من التربية هو للتسلية فقط، أو لجمال اللون والصوت معا، في حين يعتبرها آخرون مصدر دخل ثابت، أو مهنة يمكن لها أن توفر قوت العيش وأكثر عند البعض.
يمتلك نضال أبو بكر ثلاث مزارع خاصة بطيور الزينة، يعمل هو وزوجته موظفان حكوميان، بالنسبة له إن الطيور هي مصدر دخل ثالث وثابت، ففي الفترة الأخيرة اشترى قطعة أرض، وبنى منزلا من أرباح مزارعه.
ويقول لـ"الحدث": "لقد بدأت هواية منذ الصغر، وحين عدت من الكويت إلى جنين قمت بتربية طيرين كان ثمنهما لا يتجاوز ثمانية عشر شيكل في ذلك الوقت، والآن والحمد لله أمتلك ما يزيد على 2000 طير، من 20 فصيلة، والكثير من الأجناس، فالنوع الواحد فيه أكثر من خمسة أو ستة أجناس من الطيور.
أكثر ما شجع أبو بكر حسب قوله في هذه الفترة هو عشق الناس للطبيعة والألوان، واشتياقهم لهذا النوع من الحياة.
والطريقة المثلى للنجاح في مثل هذه المشاريع كما يرى تتلخص في عبارة، أبضع تبع، فكلما أكثرت من النوعيات سيكون عندك أكثر من موسم.
ويمكن للشخص أن يربي الطيور بطريقتين، الأولى هي التربية الجماعية، وهي الطريقة الأسهل؛ لأنك تهتم بخمسين أو ستين طيرا في ذات الوقت، أما الطريقة الأخرى، والتي تتبع في الغالب مع الحساسين، هي التربية الفردية، وهي أكثر إنتاجا، حيث يوضع كل زوج من الطيور في قفص خاص، ويتابع على حدى ليكون حجم الإنتاج أكبر.
وعند حديثه عن أهم أنواع الطيور وأكثرها طلبا في السوق، قال أبو بكر: "العديد من الأنواع تشهد إقبالا على شرائها، ومنها طير الحب المسمى "بالتوكي"، وطيور "البادجي"، و"الفنك زيبرا"، و"البرسوناتو"، و"الكنار" بكل أنواعه، مثل "الجلوستر البلدي والكونكورد والديمورفيك والفايف فانكي والمفتل، والحسون، والحمام الماسي".
أما الشاب أحمد الشيخ ابراهيم وهو خريج من الجامعة العربية الأمريكية، من سكان قرية كفر راعي، فامتهن هذه المهنة بعد تحرره من السجون الإسرائيلية منذ أربعة أعوام، والآن يمتلك مزرعة فيها حوالي 150 طيرا، ويقول لـ"الحدث": "عندما قمت بإنشاء هذا المشروع كلفني 1200 شيقل، شملت التجهيزات، والآن أدفع ثمن كل ما يلزم من الدواء والكلس والأكل والمعالف والأعشاش، وإنتاج المزرعة يكفي هذه الاحتياجات، بالإضافة لمصروفي اليومي، وهو معين لي بجانب عملي الأساسي في المحاسبة".
يختلف نوع الطعام كما يقول أحمد من طير لآخر، فيمكن استعمال بذور أعشاب الأرض (كالطردان والزوتان ولبوريتا والدخن)، ويمكن شراء طعام خاص بطيور الحب اسمه خلطة طير الحب، أما الفواكه فيمكن اعتبارها مكملا غذائيا لتلك الطيور، ويمكن إطعامها لها من وقت لآخر.
أما الشاب محمد كمال، وهو موظف في الأجهزة الأمنية، فإن مصدر دخل كهذا بنظره يمكن أن يعتبر راتبا آخر لشاب أعزب، ويقول: "إن تكلفة مشروعي لم تتجاوز 800 شيقل مع كل التجهيزات، ومنذ ستة سنوات لم ألمس راتبي الشهري أو أحتاجه، فكل أسبوعين أبيع بما يقارب الأربعمئة شيقل".
ويضيف: "لقد قمت بتربية كل أنواع الطيور، باستثناء الطيور المهاجرة مثل طير(المانيار) الذي سكن جنين فترة الأشهر الثلاث الأخيرة، بعد أن جلبته إسرائيل إلى مناطقها وهاجر إلينا؛ لأن طقس جنين هو الطقس الذي يناسبه".
ويتبع محمد أسلوب التربية الفردية، فهو يستطيع لصغر مزرعته نسبيا أن يراقب كل طير على حدى، ويزاوج ألوانا بألوان، وأشكالا بأشكال، لتنتج لديه ألوان مميزة ومطلوبة، وأشكال جميلة ومرغوبة".
وعند سؤالهم عن أفضل فترة لتربية الطيور فأجمعوا على أنها الفترة الممتدة من 15-6 وحتى 15-10، حيث يكون الطقس دافئا، وهي أكثر الفترات التي ينتج فيها الطير، ويكثر تعشيشه داخل الأقفاص.
ويشجع العاملون في هذا المجال على البدء بمثل هذه المشاريع؛ لأن الطلب عليها في تزايد مستمر خاصة من فلسطيني الأراضي المحتلة عام 48، والذين يزورون جنين في هذه الفترة.