الثلاثاء  23 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مترجم| القوى الصاعدة التى تُشكل النظام الدولى

2016-02-23 07:36:59 AM
مترجم| القوى الصاعدة التى تُشكل النظام الدولى
الدول الناشئة

 

ترجمة- بسام عباس

 

نشر التقرير في معهد بروكنجز تحت عنوان:  The rising powers: A mixed bag for the international order

 

عندما انتقلنا من التفاؤل إلى التشاؤم حول مجموعة بريكس، وبشكل أكثر تحديدا، حول مجموعة فرعية من القوى الصاعدة التي تعتبر ديمقراطية؟

 

أعتبر نفسي من بين المتفائلين حول القوى الصاعدة الديمقراطية فيما كان تفاؤلي نسبيا حول الصين. بينما بدت لي روسيا أكثر إثارة للقلق، وهو ما قد ثبت تمامًا. وتحولت الصين أكثر حزما وأكثر سرعة مما كنت أتوقع، رغم أنه ما زال هناك توازن بين القوى في العلاقات ولم نفقد كل شيء حتى الآن في البحث عن علاقات مستقرة بين الصين والولايات المتحدة. ولكن ماذا عن البرازيل والهند، فضلاً عن الديمقراطيات الصاعدة الأخرى؟

 

صحيح أنه يوجد إيجابيات هنا. فبعد مغازلة القوى الاستبدادية حول ضوابط الانترنت، وجدت البرازيل نفسها تقود جهودًا حول إدارة الإنترنت من سوق الواقع والقيم الليبرالية، والتي تم تطويرها بصورة كبيرة. لماذا ا؟ لأن البرازيل – رغم أن بعض مسئولي وزارة الخارجية ما زالوا متحفظين جدًا – هي سوق وديمقراطية ونظام حكم مدني لا يمكن للحكومة أن تملي سياستها عليه، كما أن قطاعها الخاص أراد ألا يكون هناك دور روسي أو صيني في السيطرة على الانترنت.

 

انتهت الهند إلى لعب دور بناء جدا في مفاوضات المناخ العالمية، على الرغم من أن لديها ما تخسره  أكثر من أي جهة أخرى حيث النظام الكربوني مقيد جدا في السنوات العشر القادمة. وكانت إندونيسيا رئيسًا مشاركًا فعالاً  لعملية للأمم المتحدة حول أهداف التنمية المستدامة. وللثلاثة مساهمات هامة في أجندة التنمية والأمن الغذائي، وبينما لا ترقى إلى مستوى المصلحة الاستراتيجية الأمريكية، فلن يؤثر كثيرًا على بقية العالم.

 

انتكاسات على الساحة الاستراتيجية

 

وبخصوص السياسات الإستراتيجية، فالصورة مشوشة أكثر ومليئة بالكوارث والفرص الضائعة.

 

تحملت البرازيل وتركيا خطر “مناورة طهران”، في محاولة لتحقيق نتيجة دبلوماسية في موضوع مشحون. ولم يكن جهدهما دائما جيد التصور أو التنفيذ، ولكن إدارة الولايات المتحدة لمشاركتها كان الأسوأ –  فقصة البيت الأبيض ووزارة الخارجية مليئة بالإشارات المتضاربة والمتنافرة. ولذلك كانت النتيجة سيئة، ولكن يقع اللوم على واشنطن أكثر من برازيليا وأنقرة.

 

ووفقًا لمبدأ “مسئولية الحماية”  في ليبيا، لم تقتنع البرازيل والهند وجنوب أفريقيا به كثيرًا. فهناك كثير من اللوم يدور حول ليبيا، والسياسة الغربية غير مكتملة وغير فعالة في النهاية ، ولكن نقد بريكس للسياسة الغربية في ليبيا يترك كثيرًا مما هو مرغوب فيه. من ناحية أخرى، ففي أعقاب سقوط القذافي، عرض البرازيليين مسارًا للخروج من الأزمة، في إطار مفهوم “المسئولية أثناء الحماية” التي تقوم بأمرين: أنها تقبل مبدأ “مسئولية الحماية” وتدعو حلف شمال الأطلسي أن يقدم تقريرا إلى مجلس الأمن عند تنفيذ قرارات الامم المتحدة، كما فعل حلف شمال الأطلسي أثناء أزمة البوسنة. وبدلا من انتهاز فرصة الاستفادة من الجهة الجنوبية العالمية لتعزيز مفهوم “مسئولية الحماية”، رفضت الولايات المتحدة الاقتراح البرازيلي. وكانت النتائج سيئة. وبدأ إلقاء اللوم على الجميع.

 

وفقدت الديمقراطيات الصاعدة حقا طريقها في أوكرانيا، حيث أبدت عدم رغبتها في الاحتجاج ضد انتهاك روسيا للمبدأ الأساسي في النظام الدولي، ألا وهو :  تحريم الاستيلاء على الأراضي بالقوة. ولكن الأمر ليس بهذه السرعة، فقد قال دبلوماسيون هنود وبرازيليون إن الولايات المتحدة انتهكت أيضًا ميثاق الامم المتحدة في كوسوفو، وكذلك في العراق. ولكن لم يكن هناك أي تردد هندي أو برازيلي في انتقاد إجراءات الولايات المتحدة في ذلك الوقت. فلماذا يصمتون تجاه روسيا؟ لا أعتقد أن سياسة الولايات المتحدة في كوسوفو هي نظير السياسة الروسية في القرم، ولكن حتى لو كانت كذلك، سارعت  البرازيل والهند ودول كثيرة غيرهما إلى إدانة سياسة الولايات المتحدة، إذًا فعلى أي أساس تعمل هذه الدول على توفير العون والراحة لروسيا في أوكرانيا؟ 

 

هذه هي قضايا السياسة والخطابة والأنظمة الدولية. وفي مواجهة هذا، فإن إعادة الاصطفاف الهندي التدريجي والمتأني والحقيقي إلى جوار واشنطن هي الحقيقة الأكثر أهمية. ولم تؤثر البرازيل كثيرًا في القضايا الاستراتيجية؛ إلا أن أداءها كان جيدًا في حقوق الإنسان والأمن الغذائي. كذلك لم يكن لإندونيسيا تأثير كبير على النظام الدولي، ولكن إذا كان كل ما تفعله الأمة هو تحقيق الاستقرار وتجنب نوبات جديدة من العنف الداخلي، فإن صافي مساهماتها في النظام الدولي يعد إيجابيًّا. إلا انني أخشى أن جنوب أفريقيا ربما لن تكون مستقرة لفترة طويلة، حيث تواجه تحديات اقتصادية عميقة وتعاني من مستويات مروعة في البطالة بين الشباب.

 

ثم هناك تركيا. عندما يعاني حليف أساسي لحلف شمال الاطلسي من تآكل سيادة القانون والعمل مع قطر لتعزيز تحركات جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء المنطقة، فهناك مشكلة. وعندما يتملق الحليف الأساسي للناتو إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فهناك مشكلة. ولكن تحطمت مساعي رجب طيب أردوغان لإقامة علاقات وثيقة مع بوتين على صخور الأزمة السورية. وإذا كان هناك أي جانب مضيء في هذا الرعب المتكشف، فهو انهيار العلاقات الروسية التركية ومحاولة أردوغان – من جديد – أن يشق طريقه نحو الغرب.

 

قصة الديمقراطيات الصاعدة لم تنتهِ بعد. لدينا الكثير لتخسره جراء الحكم المتسرع والكثير لنكسبه من الدبلوماسية المتأنية الحذرة التي تغذي العلاقات مع تلك القوى في كل عاصمة تسعى للعب دور بناء وجها لوجه مع النظام. وربما تكون هذه السياسة محبطة – وفي بعض الأحيان بجنون –  وبطيئة. ومع ذلك، فإن العجلة لا تحقق استراتيجية جيدة ها هنا.