الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الحصار... يخمد صناعة "الفحم النباتي" في غزة

2014-05-12 00:00:00
الحصار... يخمد صناعة
صورة ارشيفية


الحدث- الأناضول
 غطت سُحب كثيفة من الدخان الأبيض، تصاعدت من أكوام حطب تشتعل، سماء الحدود بين شرقي مدينة غزة وإسرائيل، حتى بات الرؤية غير واضحة، واختفت بشكل شبه كامل معالم تلك المنطقة الحدودية.
 
ولم تكن سحب الدخان الأبيض تلك إلا جزء من عملية صناعة "الفحم النباتي" التي باتت تعاني من ويلات الحصار الإسرائيلي، كما يقول الفلسطيني أحمد أبو عودة وهو أحد أصحاب مصانع الفحم في غزة.
 
وبينما انشغل أبو عودة، في سكب كميات من المياه فوق أكوام الحطب المشتعلة والمدفونة تحت الرمال السوداء في محاولة لإخماد النيران، قال لمراسلة "الأناضول": إن "صناعة الفحم في غزة كما كل شيء تعاني من الحصار، فاليوم استطعت أن أتدبر أمري في توفير المياه والوقود والقش، لكن في أغلب الأحيان أعاني من شح هذه المواد التي تشكل الركيزة الأساسية في صناعتي".
 
وتابع أبو عودة الذي تلون وجهه ويداه ورداؤه باللون الأسود، نتيجة الرماد الناتج عن عملية احتراق الأخشاب: "نعاني من غلاء أسعار القش المستعمل في صناعتنا، بعد توقف تهريبه عن طريق الأنفاق مع مصر، وقلة المساحات الزراعية في قطاع غزة، وتجريف الجيش الإسرائيلي لها".
 
ويوضح أن قلة المساحات الزراعية في قطاع غزة بسب تجريفها من الجيش الإسرائيلي تسبب في نقص كميات الحطب المستخدمة في صناعة الفحم النباتي ما انعكس بشكل كبير على حجم الإنتاج.
 
وتقول وزارة الزراعة في حكومة غزة المقالة، إن الجيش الإسرائيلي اعتاد خلال الأعوام الست الماضية، على إحراق وإتلاف مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة، المحاذية للحدود الشرقية لقطاع غزة، والتي تقدر مساحتها بـ 35 ألف دونم (الدونم ألف متر مربع).
 
ويشير أبو عودة إلى أن نقص المياه في قطاع غزة أحد أهم المعيقات التي تؤثر على صناعة الفحم في القطاع.
 
وحسب "سلطة جودة البيئة"، في حكومة غزة المقالة، فإن القطاع يعاني من عجز مائي يصل إلى 100 مليون متر مكعب سنوياً.
 
ووفق السلطة فإن انخفاض كميات المياه في الآبار الجوفية، تجاوز 12 مترا تحت مستوى سطح البحر.
 
ويلفت أبو عودة إلى أن صناعة الفحم تواجه مشكلة في توفير المحروقات المستوردة من إسرائيل، والتي تستخدم لتشغيل المولدات الكهربائية، التي تستخدم في رفع المياه الجوفية وإنارة المكان التي تتم فيه صناعة الفحم.
 
وبحسب نقابة عمال النقل العام في قطاع غزة فإن إسرائيل "تنتهج سياسة التقطير" في توريد كميات الوقود المصدرة إلى القطاع.
 
وتقول النقابة إن غزة تحتاج يوميا إلى 600 ألف لتر من البنزين والسولار، في حين أن ما يصل القطاع يوميا عن طريق معبر كرم أبو سالم يقدر بنحو 300 ألف لتر.
 
وتعد أسعار الوقود في فلسطين وفق مجلة "أريبيان بيزنيس" أعلى منها في دول عربية مجاورة، حيث يصل سعر لتر البنزين قرابة 7 شيقل إسرائيلي (2 دولار أمريكي)، بينما يصل سعر لتر السولار 6.36 شيقل (1.8 دولار)، حيث  ترتبط الأسعار بشكل رئيسي بأسعار الوقود في إسرائيل.
 
وتقل أسعار الوقود الذي كان يهرب من مصر، قبيل إغلاق الأنفاق، بنحو النصف عن نظيره المورد من إسرائيل.
 
وهدم الجيش المصري، عقب أحداث 3 يوليو/تموز من العام الماضي، أنفاق التهريب التي حفرها الغزيون تحت الحدود المصرية الفلسطينية، لتوفير احتياجاتهم الحياتية من البضائع والوقود، كحل بديل عن الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع عام 2006.
 
وأشار أبو عودة إلى أن ما يتم إنتاجه من الفحم في القطاع، لا يسد حاجات المستهلكين في ظل غياب الفحم المصري الذي كان يهرب عبر الأنفاق.
 
وقال: إن "غياب الفحم المصري، ذو السعر المنخفض، مقارنة بالفحم المحلي، أنعش قليلا السوق لدينا، رغم العجز في إنتاجنا".
 
وعن مراحل صناعة الفحم قال أبو عودة: "الخطوة الأولى في صناعة الفحم هي تقطيع الحطب، ووضعه في حفر نصنعها في الأرض، ثم تغطيته بالقش المبلل بالمياه".
 
"ثم يغطى الحطب بالرمال السوداء، ويتم إشعال النيران فيه حتى يحترق تماما، ليغطي بعدها بأكياس من النايلون، لمدة تقدر بـ 15 يوما"، وفق قول أبو عودة.
 
وأضاف:" بعد ذلك نخرج الفحم ونفصله عن الرمال، ويتم تعبئته في أكياس ورقية تجهيزا لعملية بيعه".
 
وتفرض إسرائيل حصارًا بحريًا وبريًا وجويًا على قطاع غزة، منذ فوز حركة "حماس" في انتخابات 2006، وشددته عقب سيطرة الحركة على القطاع في عام 2007.
 
ويعيش 1.8 مليون فلسطيني في قطاع غزة، في الوقت الراهن واقعا اقتصاديا وإنسانيا قاسيا، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي.